التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ للشاعر مــحــمــود ســامــي الــبــارودي


مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
                   وَوَلَّى الصِّبَا إِلاَّ بَوَاقٍ قَلاَئِلُ
بواقٍ تماريها أفانينُ لوعة
                   ٍ يورثها فكرٌ على النأي شاغلُ
فللشوقِ منى عبرة ٌ مهراقة
                   ٌ وَخَبْلٌ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّونَ خَابِلُ
أَلِفْتُ الضَّنَى إِلْفَ السُّهَادِ، فَلَوْ سَرَى
                   بِيَ الْبُرْءُ غَالَتْنِي لِذَاكَ الْغَوَائِلُ
فللهِ هذا الشوقُ ! أيَّ جراحة
                   ٍ أسالَ بنا ؟ حتى كأنا نقاتلُ
رضينا بحكمِ الحبَّ فينا ، وَ إننا
                   للدٌّ إذا التفتْ علينا الجحافلُ
وَإِنّا رِجَالٌ تَعْلَمُ الْحَرْبُ أَنَّنَا
                   بنوها ، وَ يدري المجدُ ماذا نحاولُ
إذا ما ابتنى الناسُ الحصونَ ، فمالنا
                   سِوَى الْبِيضِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ مَعَاقِلُ
فما للهوى يقوى عليَّ بحكمهِ ؟
                   أَلَمْ يَدْرِ أَنِّي الشَّمَّرِيُّ الْحُلاَحِلُ؟
وَ إني لثبتُ الجأشِ ، مستحصدُ القوى
                   إذا أخذتْ أيدي الكماة ِ الأفاكلُ
إِذَا مَا اعْتَقَلْتُ الرُّمْحُ وَالرُّمْحُ صاحِبِي
                   عَلَى الشَّرِّ قَالَ الْقِرْنُ: إِنِّي هَازِلُ
لَطَاعَنْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مِنْ مُطَاعِنٍ
                   وَنَازَلْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنَازِلُ
وَشَاغَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ مِنِّي بِعَزْمَة
                   ٍ أَرَتْنِي سَبِيلَ الرُّشْدِ وَالْغَيُّ حَائِلُ
إذا أنتَ أعطتكَ المقاديرُ حكمها
                   فأضيعُ شيءٍ ما تقولُ العواذلُ
وَمَا الْمَرْءُ إِلاَّ أَنْ يَعِيشَ مُحَسَّداً
                   تَنَازَعُ فِيهِ النَّاجِذَيْنِ اْلأَنَامِلُ
لَعَمْرُكَ مَا الأَخْلاَقُ إِلاَّ مَوَاهِبٌ
                   مقسمة ٌ بينَ الورى ، وفواضلُ
وَ ما الناسُ إلاَّ كادحانِ : فعالمٌ
                   يسيرُ على قصدٍ ، وَ آخرُ جاهلُ
فذو العلمِ مأخوذٌ بأسبابِ علمهِ
                   وَذُو الْجَهْلِ مَقْطُوعُ الْقَرِينَة ِ جَافِلُ
فلا تطلبنْ في الناس مثقالَ ذرة
                   ٍ مِنَ الْوُدِّ؛ أُمُّ الْوُدِّ فِي النَّاسِ هابِلُ
منَ العارِ أن يرضى الفتى غيرَ طبعهِ
                   وَأَنْ يَصْحَبَ الإِنْسَانُ مَنْ لاَ يُشَاكِلُ
بَلَوْتُ ضُرُوبَ النَّاسِ طُرّاً، فَلمْ يَكُنْ
                   سوى " المرصفى َّ " الحبرِ في الناس كاملُ
همامٌ أراني الدهرَ في طيَّ برده
                   وَفَقَّهَنِي حَتَّى اتَّقَتْنِي الأَمَاثِلُ
أخٌ حينَ لا يبقى أخٌ ، ومجاملٌ
                   إذا قلَّ عندَ النائباتِ المجاملُ
بعيدُ مجالِ الفكرِ ، لوْ خالَ خيلة
                   ً أَرَاكَ بِظْهَرِ الْغَيْبِ مَا الدَّهْرُ فَاعِلُ
طَرَحْتُ بَنِي الأَيَّامِ لَمَّا عَرَفْتُهُ
                   وَ ما الناسُ عندَ البحثِ إلاَّ مخايلُ
فلوْ سامني ما يوردُ النفسَ حتفها
                   لأَوْرَدْتُهَا؛ وَالْحُبُّ لِلنَّفْسِ قَاتِلُ
فَلاَ بَرِحَتْ منِّي إِلَيْهِ تَحِيَّة
                   ٌ تناقلها عني الضحى والأصائلُ
وَ لا زالَ غض العمرِ ، ممتنعَ الذرا
                   مَرِيعَ الْفِنَا، تُطْوَى إِلَيْهِ الْمَرَاحِلُ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

:: دروس فى كــيــفــية كــتــابــة الـــشــعـــر

بسم الله الرحمن الرحيم شوفوا بقى انا هديلكم درس فى كتابه الشعر  أولاً : كــــيــــف تكتـــــب شـــــــــــعر قبل أن تبدأ في كتابة قصيدة أولاً : لابد أن تحدد الفكرة ... المراد توصيلها للقارئ ... من خلال التعبيّر عنها .. وتجسيدها ثانياً : أن تكون متهيئ نفسياً وتكون لديك الرغبة في الكتابة ثالثاً : أن تمزج بين الخيال و الفكرة لأنك بذلك سوف تجعل هناك ارتباط بينهما ..بالأبعاد اللغوية رابعاً : دع تفكيرك في البداية منصب على المعنى ... ولا تفكر بالوزن ... بل تجاهله لفترة معينة ... حتى يتضح المعنى لديك خامساً : حاول أن تلحن ما كتبت ... بعفوية فلا تقول ... أرغب بوضع القصيدة على البحر الوافر أو الرجز أو الرمل.. بل دع القصيدة هي التي تحدد بحرها سادساً : حاول أن تضع القافية التي تتناغم مع البحر الذي حددته القصيدة سابعاً : حاول مراجعتها من أجل أن تتأكد خلوها من الكسور ثامناً : أن جميع حروف العلة لابد تكون ساكنة والحرف الَّذي لا ينطق و لا يكتب لا يوزن. ثانيا ً : كيف نظم القصيده وتنظيمها بشكل صحيح لعلنا نفيد ونستفيد قبل أن أبدأ الموضوع أقول عذراً على الإطاله ولكن لعموم الفائده...

في وصف القلم لأبي تمام

لك القلمُ الأعلى الذي بسنانه[8]  يصابُ من الأمرِ الكُلى[9] والمفاصلُ[10]  لعاب الأفاعي القاتلات لعابه[11]  وأرْي[12] الجنى اشتارته[13] أيدٍ عواسلُ[14] له ريقة[15] طل[16] ولكن وقعها  بأثاره ...

مرثية رجل تافه صلاح عبد الصبور

مضت حياته...كما مضت ذليلة موطَّأة كأنها تراب مقبرة و كان موته الغريب باهتا مباغتا منتظَرا, مباغتا الميتة المكررة كان بلا أهل, بلا صِحاب فلم يشارك صاحبا_حين الصبا_لهوَ الصبا ليحفظ الوداد في الشباب طان وحيدا نازفا كعابر السحاب و شائعا كما الذباب و كنتُ أعرفه أراه كلما رسا بيَ الصباح في بحيرة العذاب أجمع في الجراب بضع لقيمات تناثرت على شطوطها التراب ألقى بها الصبيان للدجاج و الكلاب و كنت إن تركتُ لقمة أنفتُ أن ألمُّها يلقطها, يمسحها في كمِّهِ يبوسها يأكلها في عالم كالعالم الذي نعيش فيه تعشى عيون التافهين عن وساخة الطعام و الشراب و تسألونني: اكان صاحبي؟ و كيف صحبةٌ تقوم بين راحلَيْن؟ إذن لماذا حينما نعى الناعي إليَّ نعيَهُ بكيتهُ و زارني حزني الغريب ليلتين ثم رثيتهُ؟