التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سأقول لك أحبك نزار قباني

سَأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه

فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ..

عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي..

في تغيير حجارة هذا العالمْ..

وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ..

شجرةً بعد شَجَرَهْ..

وكوكباً بعد كوكبْ..

وقصيدةً بعد قصيدَه..


2


سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري..

ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا..

وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة..

هي يدي أنا..

سأقولها، عندما أصبح قادراً،

على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري،

ومراكبي الورقيَّهْ..

واستعادةِ الزَمَن الأزرق معكِ على شواطيء بيروتْ..

حين كنتِ ترتعشين كسمَكةٍ بين أصابعي..

فأغطّيكِ، عندما تَنْعَسينْ،

بشَرْشَفٍ من نُجُوم الصيفْ..


3


سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

وسنابلَ القمح حتى تنضجَ.. بحاجةٍ إليكِ..

والينابيعَ حتى تتفجَّرْ..

والحضارةَ حتى تتحضَّرْ..

والعصافيرَ حتى تتعلَّمَ الطيرانْ..

والفراشات حتى تتعلَّمَ الرَسْم..


4


سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

عندما تسقط الحدودُ نهائياً بينكِ وبين القصيدَهْ..

ويصبح النومُ على وَرَقة الكتابَهْ

ليسَ الأمرُ سَهْلاً كما تتصوَّرينْ..

خارجَ إيقاعاتِ الشِّعرْ..

ولا أن أدخلَ في حوارٍ مع جسدٍ لا أعرفُ أن أتهجَّاهْ..

كَلِمَةً كَلِمَهْ..

ومقطعاً مقطعاً...

إنني لا أعاني من عُقْدَة المثقّفينْ..

لكنَّ طبيعتي ترفضُ الأجسادَ التي لا تتكلَّمُ بذكاءْ...

والعيونَ التي لا تطرحُ الأسئلَهْ..

إن شَرْطَ الشهوَة عندي، مرتبطٌ بشَرْط الشِّعْرْ

فالمرأةُ قصيدةٌ أموتُ عندما أكتُبُها..

وأموتُ عندما أنساها..


5


سأقولُ لكِ "أُحِبُّكِ"..

عندما أبرأُ من حالة الفُصَام التي تُمزِّقُني..

وأعودُ شخصاً واحداً..

سأقُولُها، عندما تتصالحُ المدينةُ والصحراءُ في داخلي.

وترحلُ كلُّ القبائل عن شواطيء دمي..

الذي حفرهُ حكماءُ العالم الثالث فوق جَسَدي..

التي جرّبتُها على مدى ثلاثين عاماً...

فشوَّهتُ ذُكُورتي..

وأصدَرَتْ حكماً بِجَلْدِكِ ثمانينَ جَلْدَهْ..

بِتُهْمةِ الأُنوثهْ...

لذلك. لن أقولَ لكِ (أُحِبّكِ).. اليومْ..

ورُبَّما لن أَقولَها غداً..

فالأرضُ تأخذ تسعةَ شُهُورٍ لتُطْلِعَ زهْرَهْ

والليل يتعذَّبُ كثيراً.. لِيَلِدَ نَجْمَهْ..

والبشريّةُ تنتظرُ ألوفَ السنواتِ.. لتُطْلِعَ نبيَّاً..

فلماذا لا تنتظرينَ بعضَ الوقتْ..

لِتُصبِحي حبيبتي؟؟.


نزار قباني

-->


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

:: دروس فى كــيــفــية كــتــابــة الـــشــعـــر

بسم الله الرحمن الرحيم شوفوا بقى انا هديلكم درس فى كتابه الشعر  أولاً : كــــيــــف تكتـــــب شـــــــــــعر قبل أن تبدأ في كتابة قصيدة أولاً : لابد أن تحدد الفكرة ... المراد توصيلها للقارئ ... من خلال التعبيّر عنها .. وتجسيدها ثانياً : أن تكون متهيئ نفسياً وتكون لديك الرغبة في الكتابة ثالثاً : أن تمزج بين الخيال و الفكرة لأنك بذلك سوف تجعل هناك ارتباط بينهما ..بالأبعاد اللغوية رابعاً : دع تفكيرك في البداية منصب على المعنى ... ولا تفكر بالوزن ... بل تجاهله لفترة معينة ... حتى يتضح المعنى لديك خامساً : حاول أن تلحن ما كتبت ... بعفوية فلا تقول ... أرغب بوضع القصيدة على البحر الوافر أو الرجز أو الرمل.. بل دع القصيدة هي التي تحدد بحرها سادساً : حاول أن تضع القافية التي تتناغم مع البحر الذي حددته القصيدة سابعاً : حاول مراجعتها من أجل أن تتأكد خلوها من الكسور ثامناً : أن جميع حروف العلة لابد تكون ساكنة والحرف الَّذي لا ينطق و لا يكتب لا يوزن. ثانيا ً : كيف نظم القصيده وتنظيمها بشكل صحيح لعلنا نفيد ونستفيد قبل أن أبدأ الموضوع أقول عذراً على الإطاله ولكن لعموم الفائده...

في وصف القلم لأبي تمام

لك القلمُ الأعلى الذي بسنانه[8]  يصابُ من الأمرِ الكُلى[9] والمفاصلُ[10]  لعاب الأفاعي القاتلات لعابه[11]  وأرْي[12] الجنى اشتارته[13] أيدٍ عواسلُ[14] له ريقة[15] طل[16] ولكن وقعها  بأثاره ...

مرثية رجل تافه صلاح عبد الصبور

مضت حياته...كما مضت ذليلة موطَّأة كأنها تراب مقبرة و كان موته الغريب باهتا مباغتا منتظَرا, مباغتا الميتة المكررة كان بلا أهل, بلا صِحاب فلم يشارك صاحبا_حين الصبا_لهوَ الصبا ليحفظ الوداد في الشباب طان وحيدا نازفا كعابر السحاب و شائعا كما الذباب و كنتُ أعرفه أراه كلما رسا بيَ الصباح في بحيرة العذاب أجمع في الجراب بضع لقيمات تناثرت على شطوطها التراب ألقى بها الصبيان للدجاج و الكلاب و كنت إن تركتُ لقمة أنفتُ أن ألمُّها يلقطها, يمسحها في كمِّهِ يبوسها يأكلها في عالم كالعالم الذي نعيش فيه تعشى عيون التافهين عن وساخة الطعام و الشراب و تسألونني: اكان صاحبي؟ و كيف صحبةٌ تقوم بين راحلَيْن؟ إذن لماذا حينما نعى الناعي إليَّ نعيَهُ بكيتهُ و زارني حزني الغريب ليلتين ثم رثيتهُ؟